مقالات

الوحدة في زمن مزدحم

الوحدة في زمن مزدحم
بقلمي نرمين بهنسي

أيسك.. الصورة التي قد يراها البعض مجرد مشهد شتوي، هي في حقيقتها اختصار لحالة إنسانية عميقة. فتاة تجلس على مقعد في الحديقة، يحيط بها الجمال، وتغلفها الثلوج، لكن التعبير على وجهها يكشف عن فراغ لا يملؤه المكان ولا الطقس.

في زمن تملؤه الشاشات، وتعلو فيه الأصوات، صارت الوحدة أكثر قسوة. لم تعد مرتبطة بالغياب الفعلي للناس، بل أصبحت شعورًا داخليًا رغم الازدحام. بإمكان الإنسان أن يجلس وسط مدينة نابضة، بين أضواء ومباني ومقاعد، ويشعر وكأنه غير مرئي.

الوحدة الحديثة ليست نتاج عزلة مادية، بل انعكاس لفقدان المعنى. حين يفقد الحوار عمقه، والعلاقات صدقها، يصبح الإنسان مجرد جسد حاضر وروح غائبة.

الفتاة في الصورة لا تبدو فقيرة أو تائهة، لكنها تبدو فارغة. لأن أكثر ما يرهق الإنسان ليس فقد الأشياء، بل فقد الشعور. أن تكون موجودًا بلا مشاركة، حيًّا بلا نبض، حاضرًا بلا أثر.

إن أكثر ما يحتاجه الإنسان اليوم ليس مكانًا جديدًا، ولا رفاهية إضافية، بل لمسة دفء حقيقية، حوار صادق، وسؤال لا يُطرح من باب المجاملة، بل من باب الاهتمام: “إزيك بجد؟”

الوحدة في زمن مزدحم
الوحدة في زمن مزدحم
اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى