حصاد اللحظات

حصاد اللحظات
بقلمي نرمين بهنسي
آيسك.. نحن لا نعيش السنوات، بل نعيش اللحظات. تلك الدقائق العابرة التي تمرّ بنا خلسة، هي في الحقيقة ما يشكّل نسيج حياتنا بالكامل. لحظة فرح، لحظة أ لم، لحظة دهشة، وأخرى خذلان. ومع الوقت، لا تبقى الأحداث الكاملة في الذاكرة، بل تبقى اللحظة التي شعرت فيها بقلبك يضطرب، أو عينك تلمع، أو أنفاسك تختنق.
حصاد اللحظات لا يشبه حصاد الحقول، فالأول غير مرئي، لكنه الأصدق. هناك لحظات نمر بها دون أن ندرك أهميتها إلا بعد أن تمضي، وهناك لحظات نتمناها ونسعى إليها، لكنها لا تأتي. نحن نحصد ما زرعناه من اختيارات، وما واجهناه من ظروف، وما صبرنا عليه من اختبارات. وقد لا يكون الحصاد وفيرًا دائمًا، لكنه دائمًا صادق.
أحيانًا، نجد أنفسنا نجري بلا توقف، نُراكم الأيام ونلاحق الأحلام، نبحث عن النجاح أو الراحة أو الحب، لكننا ننسى أن الحياة لا تُقاس بما نحققه فقط، بل بما نشعر به ونحن نسير في الطريق. اللحظة التي تُربّت فيها على كتفك صديقة صادقة، أو تُمسك فيها يد أمك وأنت حزين، أو تنظر فيها لطفلك وهو يضحك دون وعي بالعالم… هذه لحظات لا تُقدّر بثمن.
حصاد اللحظات هو دعوة لأن نتوقف قليلًا. أن ننتبه لما بين السطور، لما يحدث في أرواحنا ونحن نعيش. أن نحفظ الجميل، ونتعلّم من القاسي، ونعرف أننا مهما واجهنا، فإننا في النهاية نُشكّل من مجموع تلك اللحظات التي عبرت بنا، أو التي عبرنا خلالها.
فامنح لنفسك فرصة أن تكون حاضرًا في لحظتك. لا تُهدر عمرك في الانتظار، ولا تؤجل الفرح. لأن اللحظات لا تعود… لكن حصادها، هو الذي يبقى.