مقالات

غياب الروح

غياب الروح
بقلمي نرمين بهنسي

أيسك.. ليست كل الوحشة في الغياب، أحيانًا تكون في تفاصيل الحياة بعده. في الصحوة الأولى من النوم حين تمدّ يدك باحثًا عن شخص لم يعد موجودًا. في الرسائل التي لا تُكتب، والمكالمات التي لا تُجرى، والضحكات التي كانت تُنقذك من الغرق.

أن يغيب خليل الروح، ليس كأي غياب. هو نوع من الفراغ لا تُسكِته الأيام، ولا يُخففه الحنين، ولا تقدر عليه الذاكرة، مهما حاولت أن تُغطيه بتفاصيل جديدة. لأنه لم يكن مجرّد شخص… بل كان الحياة وهي تبتسم لك في عز تعبك.

بعض الناس لا يُعوّضون، ليس لأنهم مثاليون، بل لأنهم دخلوا القلب بطريقة لا تُنسى، وتركوا أثرًا لا يُمحى. وعندما يغيبون، لا نشعر فقط بفقدانهم، بل نشعر بأننا صرنا أنصافًا تمشي في الزحام، تتظاهر بالقوة، لكنها في الداخل تمسك أطرافها لئلا تنهار.

قد يملأ اليوم أشخاص جدد، وقد نعيش ضحكات مختلفة، لكن يظلّ هناك شخص واحد، مكانه محفوظ في القلب، لا يُنافسه فيه أحد. شخص، بمجرد أن يُذكر اسمه، تتغيّر نبرة صوتك، ويرتجف شيء فيك لا تدري ما هو.

نعم، بعض الغياب موجِع، لأنه لا يمحو الذكريات بل يُعيدها علينا كأنها تحدث الآن. يجعلنا نشتاق لأيام كنا ك، أجمل ما عشناه.
الغياب الذي لا يُعوّض ليس الذي يُبكينا فقط، بل الذي يجعلنا نضحك أقل، ونحلم أقل، ونعيش أقل.

ويا لوجع الروح حين تفتقد خليلها… لا دواء له، سوى أن نُصدّق أنه ما زال قريبًا، ولو بالدعاء، ولو بالذكرى، ولو بالحُب الذي لا يبرد.

اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى