كانت هنا …فكنت أنا

كانت هنا …فكنت أنا
بقلم : محمد فتحي شعبان
أشعر باختناق شديد ، أنزوي بعيدا عن كل أحد ، أكاد اختبأ في قلب الحائط ، أنظر إلي حوائط غرفتي أتأمل ألوانها ، أمر براحتي فوقها ، أشم رائحتها …أدور حول نفسي مرات عديدة كما يفعل الدراويش ، مغمض العينين غائبا عن كل شىء …كانت هنا هنا .
مجلة نجوم مصر
مدد…حي…حي…حي كان يرددها صاحب الثوب الأخضر اللامع ، ممسكا ببعض السبح ، و معلقا الكثير منها حول عنقه ، يدور في طرقات الحارة ، ينشد بعض الأشعار ثم يعود إلي الصياح …مدد …حي …حي ..حي .
ثوبها ذو اللون البنفسجي و سمرتها المحببة ، دقة ملامح وجهها ، عنقها الطويل ، لم أقدر أن اشتهيها فلم أكن أراها أنثى ….ادور حولي نفسي …الروح تسري حيث سرها وأنت سرى .
أشعث … ذي ثياب رثة يبدو كمن فقد بصره أو فقد بصره ، لكن القلب …- لو كان لي قلبين لعشت بواحد وتركت قلبا في هواك يعذب – بل هو قلب واحد وهو في هواك يعذب ، يصرخ ثم ينطلق جريا في الطرقات مرددا آ آ آ آ آ ه كأنما يخلع معها قلبه وروحه .
لا أريد فتح عيناي ، هي هنا وأنا أذوووب ، لا جسد ليس سوى روح واحد …ألقيت عليك محبتي وعشقي وطرحت القلب قربانا علي أعاتبك – يا من هواه اعزه و أذلنى كيف الطريق إلي وصالك دلني – ولقد بليت بالعشق وما لبلوي العاشقين دواء غير الوصال وأني للحبيب وصال .
في ظلمة الليل يدور ليس إلا ظلمة وسكون ، خاشع صوته …أنا الذي اتخذت هواك دربي فتهت عن نفسي وعن العالمين سواك …الدمع يسرى والقلب محترق فكيف لعاشق أن ينام .
لا أحد هنا إلا هي فقد سرت الروح فيها فليس سواها ، أدور أذهب بعيدا حيث لا ثقل للجسد ، كانت هنا فكنت أنا …
