مقالات

نرمين بهنسي تكتب.. فخ محكم

نرمين بهنسي تكتب.. فخ محكم

آيسك.. أحيانًا نظن أن الحياة تسير بنا في طريقٍ نعرفه، نتحكم في تفاصيله، نختار خطواته بعناية، ونحسب له ألف حساب. لكن فجأة، وبلا سابق إنذار، نجد أنفسنا داخل فخٍ محكم… لم نره، ولم نحسب له حسابًا، أو ربما رأيناه ولم نصدّق أنه قد يُطبق علينا يومًا.

الفخ لا يكون دائمًا شرًا ظاهرًا أو أذى مقصود. أحيانًا يكون الفخ “راحة زائفة”، أو “علاقة مألوفة”، أو “وظيفة مستقرة لكنها تسرق منك نفسك”، أو حتى “صورة عن ذاتك” رسمها لك الآخرون، وصدّقتها. في كل مرة تؤجل فيها قرارًا مهمًا لأنك تخشى التغيير، أو تقبل أقل مما تستحق لأنك تخشى الخسارة، فأنت تخطو نحو هذا الفخ… بخطى ثابتة وواثقة.

الفخ المحكم لا يعلّقك من الخارج، بل من الداخل. يقيد حريتك في التفكير، يزرع في قلبك الشك، ويُقنعك بأنك ضعيف، عاجز، أو غير كافٍ. ولأنك صدّقت ذلك، تبدأ في التكيّف مع الألم، والاعتياد على ما لا يُحتمل، فتفقد شجاعتك في المحاولة، ويتحول الزمن من فرصة للنجاة إلى شريك في الأسر.

لكن الحقيقة أن كل فخ، مهما كان محكمًا، له مخرج. والخطوة الأولى نحو التحرر هي الاعتراف بأنك عالق. لا خجل في السقوط، فالخجل الحقيقي أن تبقى في مكان لا يليق بك، ولا يشبهك، فقط لأنك اعتدت عليه. القوة ليست في عدم السقوط، بل في النهوض كلما سقطت.

تحرر من الفخ بأن تراجع نفسك، تُعيد تعريف ذاتك، وتواجه خوفك. اسأل: من أنا؟ ماذا أريد؟ وهل هذا الذي أعيشه هو اختياري حقًا؟ لا تسمح لأحد أن يقرر مكانك، أو يختار مصيرك، أو يحدد حجمك. الحياة أكبر من أن تُختصر في دورٍ صغير أو في مكان لا يشبهك.

كلنا نقع في الفخاخ، ولكن القليل منا ينجو. والناجون ليسوا الأذكى دائمًا، بل هم الأصدق مع أنفسهم، والأكثر شجاعة في اتخاذ القرار الصعب: قرار الخروج.

اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى