مقالات

أسيرات.. في سجن المعتقدات

أسيرات.. في سجن المعتقدات

بقلم: سماح علام

” القهر يصنعه صاحبه حينما يرتضيه لنفسه.”

في عالمٍ موازٍ لحالةٍ من الانفتاح المخيف والتحرر غير المشروط التي تعيشها فئة لا يُستهان بها من النساء العربيات، واللاتي فشلن في الوصول إلى نقطة متوازنة بين تحقيق الذات وضياعها، تتجرّع الغالبية العظمى منهن مرارة الخضوع لعقليات ذكورية متحجرة تستهوِيها السيطرة واستعلاء الذات.

ففي ظل ثقافة مستحدثة لا تمتّ بصلة للدين أو الأعراف الأصيلة، بل هي نتاج قائمة طويلة متداخلة من التقاليد والعادات الجائرة، يُنظر إلى المرأة نظرة وضيعة مجحفة، تتهمها بالعجز وعدم القدرة على إنجاز أبسط الأمور خارج نطاق المنزل. وهكذا تجد نفسها في رحلة من المعاناة، يباركها المجتمع، ويمنح الأهل فيها إشارة البدء ليمارس أشقاؤها الذكور صغارًا وكبارًا حقوقهم في تقييم وتقييد تصرفاتها تحت شعار “الحماية”.

وغالبًا ما يحدث خلل كبير بين التطبيق المعتدل المبني على تكامل الأدوار، وبين المبالغة والمغالاة في فرض السيطرة. فيكون الأخ هو المحطة الثانية في تلك الرحلة البائسة بعد الأب، الذي تسبب عمدًا في إحداث فجوة عميقة في حياة ابنته. وحتى عندما تحاول أن تنفك منها بالاستقلال عن الأسرة وتكوين حياة جديدة، تتفاجأ بأنها قد وقعت في شَرَك الجزء الأعنف من المعاناة ، فوفق نفس المعتقدات يعني الصدام مع الزوج الخسارة في معركة محسومة، إذ تكون الكلمة الغالبة وإن لم ترتقِ لمعنى يُحترم أو قيمة يُعتد بها له.

هذه القيود العمياء الظالمة بريء منها الدين، ولا يرتضيها أصحاب العقول. فهي لا تحترم عقلية المرأة ولا ذكاءها ولا قدرتها على تحمّل الصعاب وفعل الكثير لنفسها ولأسرتها. وعلى من يستندون إلى حديث رسولنا الكريم بأن النساء ناقصات عقل ودين أن يراجعوا تفسيراتهم المغلوطة. فالخالق سبحانه قد وهب المرأة قلبًا كبيرًا يستوعب جميع من حولها، فتغلبها العاطفة في الحكم على بعض الأمور لتتجنب التصادم مع طبيعة الرجل العملية، فينتج عن ذلك الهدوء والاستقرار للأسرة.

وقد كان نبينا الكريم، معلم البشرية، دائم المشاورة لزوجاته في قراراته. “اخرج يا رسول الله فاحلق وانحر”؛ هذه كانت نصيحة أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلَّ الله عليه وسلم في صلح الحديبية عندما استشارها في الخلاف القائم آنذاك. فخرج صلَّ الله عليه وسلم فحلق ونحر، فإذا بأصحابه كلهم يقومون قيام رجل واحد فيحلقون وينحرون. وهكذا أصابت أم سلمة الرأي، وحُلّت المشكلة بمشورة (امرأة).

اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى