مقالات

السجن الذهبي.. وهم الكمالية

السجن الذهبي.. وهم الكمالية

بقلمي نرمين بهنسي

أيسك.. في ظاهرها، الكمالية تبدو كقمة الطموح. من منا لا يريد أن يقدم أفضل ما لديه؟ أن تكون مهامه خالية من الأخطاء، ومظهره متقنًا، وقراراته بلا تردد؟ لكن خلف هذه الصورة البراقة، يكمن فخ خفي، يلتهم الإنجاز ويقتل الإبداع: وهم الكمالية.

الكمالية ليست سعيًا للجودة، بل خوفًا من الفشل. ليست حبًا للتميز، بل كراهية للنقد. الكمالية تسوّق نفسها كأداة للنجاح، لكنها في الحقيقة تؤجل الخطوات، وتطفئ الحماس، وتزرع في القلب شعورًا دائمًا بالنقص.

المفارقة المؤلمة؟ الكماليون غالبًا ما يكونون الأكثر موهبة، لكنهم الأقل إنتاجًا. لأنهم ينتظرون اللحظة المثالية، الفكرة الكاملة، الظروف المناسبة… وهي لحظة لا تأتي أبدًا.

الكمالية تُخفي جُبنًا ناعمًا، لا يظهر على السطح، لكنه يمنع صاحبه من المخاطرة. فالكمالي لا يبدأ مشروعه حتى يكتمل في ذهنه، ولا ينشر كتابه حتى يراه “لا يُنتقد”، ولا يعبر عن رأيه إلا حين يضمن القبول.

وفي زمن السرعة والمشاركة والتجريب، لم يعد الانتصار حليف المتقنين فقط، بل حليف الجرأة والتطوير المستمر.

الحقيقة التي يرفضها الكمالي: النجاح لا يحتاج إلى الكمال، بل إلى المحاولة والتعديل والتكرار. لا أحد يبدأ من القمة، ولا توجد خطوة أولى مثالية. كل طريق يبدأ بخطوة متعثرة.

فلتتذكر: الكمال وهم. والتقدم الحقيقي هو أن تسمح لنفسك أن تخطئ، أن تتعلم، أن تتحسن، وأن تكمل الطريق… حتى ولو لم يكن مثاليًا. 

السجن الذهبي.. وهم الكمالية
السجن الذهبي.. وهم الكمالية
اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى