مقالات

القانون والاستراتيجية: نساء يغيّرن قواعد اللعبة

القانون والاستراتيجية: نساء يغيّرن قواعد اللعبة

بقلم كريستينا دي سيلفيو وآناليسا إمباراتو

 آيسك نيوز.. القوة العالمية لا تنتظر. لا تمنح. بل تُنتزع.
لعدة عقود، كانت المحاكم الدولية والمؤتمرات الدبلوماسية والمعاهدات متعددة الأطراف ميادين رجالية بامتياز. ثم جئن هنّ. نساء لا يطلبن الإذن، يحوّلن المعايير المجرّدة إلى عدالة فعلية. قرارات تغيّر التوازنات الاستراتيجية، تنقذ المدنيين، وتعيد تعريف المسؤوليات الدولة. جوليا سيبوتيندي في محكمة العدل الدولية أرست سوابق حول مسؤولية الدولة وحماية المدنيين. فاتو بنسودا لاحقت جرائم الإبادة وجرائم الحرب، وطبّقت نظام روما الأساسي في سياقات صراع حقيقي. نافي بيلاي حولت الجرائم الجنسية المنهجية إلى اجتهادات قضائية ملزمة. كل حكم هو ردع. وكل قاعدة تُطبَّق هي أمر نافذ.

سيداو، اتفاقية إسطنبول، قرار مجلس الأمن 1325 ليست كلمات فارغة. إنها أدوات تشغيلية: حماية المدنيين، القيادة النسائية في مفاوضات السلام، الوقاية من النزاعات. كل مادة تُطبّق تعيد رسم التحالفات، تزعزع العنف، وتقوّي التزامات الدول. ليست نظرية. إنها استراتيجية. إنها قرار على الأرض.

إلى جانب السلطة القضائية، تولّت النساء أدواراً محورية في الجغرافيا السياسية والدبلوماسية الدولية. مادلين أولبرايت ترجمت القانون الدولي إلى تكتيكات عملية خلال صراعات البلقان. فيديريكا موغيريني وسوزانا مالكورا طبّقتا المعاهدات متعددة الأطراف وحولتها إلى اتفاقات ملموسة وقابلة للقياس. نغوزي أوكونجو–إيويالا دمجت بين القانون التجاري والتنمية المستدامة والحوكمة الاقتصادية العالمية، مبرهنة أن الدبلوماسية والقانون ليسا مجرد تجريد: إنهما رافعة قوة، عامل استقرار، وأداة قيادة فعلية.

في زمن الحروب المفتوحة في أوكرانيا، والتوترات في الشرق الأوسط، والأزمات الإنسانية في إفريقيا، والهجرة العالمية، لا تكون هذه القيادة نظرية: بل ضرورة ملموسة. كل قاعدة قوة، وكل مادة بيان. الجمال والقانون؟ مفهوم تجاوزه الزمن. الجاذبية والقدرة على القيادة يسيران معاً. فوربس وفورتشن تحتفيان بمسيراتهن، لكن ما يهم هو الاستقلال. لا تنازلات. لا تفويض للجدارة.

لا يتعلق الأمر بالمحاكم أو الوزارات فقط. في ممرات المفاوضات متعددة الأطراف، في غرف الأزمات، وفي الميادين العملياتية، تُحسم التحالفات والبعثات ومصائر الملايين. كما يكتب باسترناك، الآخرون يكشفون لنا أين نحن هشّون. كل مواجهة دولية مرآة: تكشف ما لا نراه، وتشكّل ما يمكن للعالم أن يصبح عليه.

المزيد من النساء في المحاكم الدولية، ووزارات الخارجية، وموائد المفاوضات يعني عدالة حقيقية وأمنًا فعليًا. تطبيق صارم لنظام روما الأساسي، واتفاقيات جنيف، والقوانين الوطنية والبروتوكولات الإقليمية. إصلاح المعاهدات وفق عدالة عالمية. تعزيز الردع والمسؤولية.

القوة لا تُمنح. تُبنى. لا يطلبن الإذن. يكتبنه. ومن يراقب لا يستطيع تجاهله. كما يكشف بكاء شارفي صفاء الإنسانية، تكشف القيادة النسائية في القانون الدولي والجيوسياسة صفاء العدالة والأمن. ليست مستقبلًا. ليست خيارًا. إنها الحاضر. إنها واجب. إنها ثورة استراتيجية.
والعالم يتغير.

اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى