مقالات

امسك زمامك

امسك زمامك

بقلم: نرمين بهنسي

آيسك.. في مرحلةٍ ما من العمر، يتوقف الجميع عن السؤال عنك. لن يطرق أحد بابك ليسألك: “هل أنت بخير؟”، ولن يهاتفك أحد ليسألك: “هل تحتاج إلى من ينقذك؟”.
ليس لأن الناس قساة، بل لأنك كبرت… ولم يعد من المقبول أن تبقى في انتظار أحد.

الحياة لا تعطينا كتيب تعليمات، ولا تسير بعدلٍ دائم. كثيرون يولدون في بيئات صعبة، ويواجهون تجارب قاسية لم يختاروها. نعم، لسنا مسؤولين عمّا حدث لنا في البدايات، ولسنا مطالبين بتبرير ما فرضته علينا الحياة من ألم أو حرمان.
لكننا – عاجلًا أو آجلًا – نصبح مسؤولين بالكامل عن القرار الأصعب: أن نُكمل، أو أن نبقى عالقين.

من السهل أن تلعب دور الضحية؛ أن تُلقي باللوم على الظروف، وتنتظر من يُصلح حياتك أو يحتضنك في اللحظة التي تنهار فيها.
لكن الحقيقة المُرّة؟ لا أحد سيأتي… إلا أنت.
لن يهتم بك أحد بالقدر الذي تستحقه، إلا إذا اهتممت أنت بنفسك أولًا.

التمسك بدور الضحية يُريحك مؤقتًا، لكنه يُعطل عمرك كله.
قد تتعاطف مع نفسك، وتبرر عجزك بالخذلان أو الإهمال أو القسوة، لكن هذا لن يغير واقعك، ولن يُنقذك من دوامة الألم.
التغيير الحقيقي لا يبدأ من الخارج، بل من الداخل… من قرار هادئ تتخذه ذات صباح:
“سأتوقف عن انتظار أحد، وسأبدأ بنفسي.”

حياتك مسؤوليتك. صحتك النفسية مسؤوليتك. اختياراتك، ردود أفعالك، وحتى سكوتك… كلها أمور تقع تحت سيطرتك.
ولا أحد – مهما كان قريبًا – قادر على النهوض مكانك، أو المواصلة بدلًا عنك.

أن تُمسك زمام حياتك لا يعني أن كل شيء سيتغير بين يوم وليلة، لكنه يعني أنك قررت ألا تبقى كما أنت.
وهذا وحده يكفي لتبدأ الرحلة.

لا تخف من الخطوة الأولى، فالثبات الحقيقي ليس في ألا تقع، بل في أن تنهض كل مرة وأنت أكثر وعيًا مما كنت.

ابدأ صغيرًا: قرار، عادة جديدة، فكرة مختلفة، نظرة أمل.
لكن لا تبقَ واقفًا في نفس المكان، لا تُراكم الخذلان فوق الخذلان، ولا تنظر للخارج بينما مفتاح التغيير في يدك.

امسك زمامك… فمن ينتظر من ينقذه، لا ينجو أبدًا.

امسك زمامك
امسك زمامك
اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى