مقالات

حين تدرك أن القطيع لا يفكّر… لن تهدر طاقتك في إقناع الجميع

حين تدرك أن القطيع لا يفكّر… لن تهدر طاقتك في إقناع الجميع

بقلمي : حليمة صومعي

في كل مجتمع، تتكرر تلك اللحظة الفاصلة التي يكتشف فيها الإنسان أن محاولة إقناع الجميع ليست سوى معركة تُهدر الجهد بلا طائل. فثمة فئة لا تختار طريقها بناءً على قناعة شخصية أو بحث عن الحقيقة، بل تتبع ما يفعله الآخرون، فقط لأنها تخشى الوقوف منفردة أو التفكير خارج النسق السائد.

هذه الظاهرة ليست جديدة، بل تتجدد مع كل نقاش عام، ومع كل قضية تتصدر الواجهة. إذ يُفضّل البعض الاصطفاف خلف الأكثرية، حتى وإن كانت هذه الأكثرية تفتقر للتفكير النقدي أو للمعطيات الدقيقة. وهنا يظهر مفهوم “السير مع القطيع” بوصفه سلوكًا اجتماعيًا يتكرر في السياسة، وفي الإعلام، وفي المؤسسات، وحتى في التفاصيل اليومية البسيطة.

الخبراء يعتبرون هذا النمط أحد أبرز معوّقات الوعي الجماعي، لأن التفكير الجمعي غير النقدي يحجب النقاش الحقيقي، ويخلق حالة من الضبابية التي يصعب فيها الوصول إلى جوهر الحقائق. والأسوأ أن الأصوات التي تختار الاستقلال برأيها تتحول في كثير من الأحيان إلى أهداف للتشكيك أو التضييق، فقط لأنها اختارت أن تفكّر.

لكن الحقيقة التي يدركها كل من تمرّس في التجربة الإنسانية هي أن الوعي الفردي لا يحتاج إلى اعتراف الجماعة ليكتسب قيمته. فالخطأ لا يصبح صوابًا بمجرّد أن الكثيرين صدّقوه، والصواب لا يفقد معناه حين يقف أصحابه وحدهم.

من هنا تأتي الحكمة: حين تدرك أن القطيع لا يفكّر، ستتوقف تلقائيًا عن إضاعة طاقتك في محاولة إقناع من لا يريد أن يقتنع. لأن التغيير الحقيقي يبدأ من أفراد يمتلكون شجاعة الرؤية، لا من جماعات تخشى مخالفة التيار.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم:
هل نملك شجاعة التفكير المستقل، أم نكتفي براحة السير خلف الآخرين؟
إنها معركة وعي… وليست معركة أعداد.

اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى