طاف بي شعاعُ من خيالٍ عابرِ
يصل الماضي بفجع
الحاضرِ
بقلم الناقد/ م ممدوح مرزوق
في سماءٍ ذات رجعٍ وأرض ذات صدع
يتلاطم بي يمنةً ويسره
في رحلةٍ نفسيةٍ داخلية حيث يخوض الكاتب المبدع د. أمل درويش -لحظات من المواجهة مع الساكن خلف المرآة
وهو تعبير مجازي عن الذات المكبوتة أو النفس الحقيقية التي كانت متوارية خلف ركام من الألم، الخوف، السكون، واليأس.
النص يستعرض فكرة الانقباض النفسي وانسحاب الروح والجسد إلى حالة من الجمود وعدم الحركة كأنها محتجزة داخل سراديب مظلمة لا نهاية لها ولا قرار.
ثم ينقلنا على حين غرة إلى لحظة الانفجار والرغبة في التحرر.
بالثورة على هذا الوضع المؤلم، وإعلاء صوت الذات الداخلية، ومواجهة الخوف واليد الخفية التى تقبض علينا باليأس ، لا نستطع منها فكاكًا.
هي دعوة للتمرد على القهر الداخلي، لتحطيم القيود، والعبور إلى النور والحياة الأفضل.
الصور المجازية:
النص للكاتبه د.أمل درويش يحمل في طياته مشاعر عميقة من (التأمل الذاتي ) ، (الصراع الداخلي )ورغبة ملحة في التحرر من قيود الماضي والظلام النفسي.
مثل الساكن خلف المرآة -سراديب الروح الموصدة -بئرك العميقة -كفوف الغيوم الحائرات والتي تعبر عن الحالة النفسية الضاغطة التي يعيشها المتحدث.
التكرار
تتكرر فكرة السكون والجمود، وكذلك فكرة التمرد والثورة، مما يعكس الصراع بين القبول بالواقع المرير والرغبة في التحرر منه.
النداء
النص يتضمن جمل نداء مباشرة مثل :- إلى متى بربك تنتظر؟ – و انفض غبار السكون- واحلم بالنور مما يدعم تأثير النص ويظهر إلحاح الكاتب المبدع على التغيير.
التصوير
استخدام تعابير مثل -قتل اليأس و -حطم كل سور يعكس التعبير العنيف والدرامي عن الرغبة في التحرر والقضاء على السلبيات.
الأبعاد الفلسفية والنفسية:-
النص يعكس رؤية فلسفية وجودية تستعرض فكرة المواجهة مع الذات الحقيقية وما تحمله من جراح و أضغاث أحلام.
يظهر صراع الإنسان مع الزمن وأثقال الماضي التي تمنعه من العيش في الحاضر بحرية ورضى.
كما يعكس النص بعداً نفسياً مهماً، وهو يدعو إلى الخروج من حالة الهدوء المزيف أو الجمود النفسي نحو التمرد على الذات والظروف المحيطة.
الإيجابيات:
النص جميل التعبير وأسلوبه شعري مليء بالعاطفة.
استخدم أدوات فنية أدت إلى تعميق المعاني وجعل القارئ يشعر بالمعاناة والرغبة العميقة في التجدد.
ابعاد أخرى:
النص شديد التركيز على الجانب النفسي الداخلي وربما يغفل عن الأبعاد الخارجية التي قد تؤثر على هذا الصراع، مثل الدعم المجتمعي أو العوامل البيئية.
كما يعتمد على صور درامية قد تكون مكررة إلى حد ما في الأدب العربي الحديث وذلك لا يعيب النص.
الرسالة:
الرسالة واضحة ومشجعة، وهي دعوة للتغيير وعدم الاستسلام لليأس.
هذه الرسالة تحمل قيمة إنسانية عالية.
ختامًا
لقد استمتعت بهذا النص البديع للكاتبه والأديبة د. أمل درويش ، ووجدتني مستنفرًا للبحث والتدقيق وكشف اغوار النص وما يدور في خلجات الكاتب.
النص الأصلي للكاتبة د. أمل درويش:
نتبادل الأماكن، وتنظر في أعماق هذا الساكن خلف المرآة..
تُشيح بيديك غِشاوة السنوات وتلفظ أيامك الماضية، حتى الأحلام تحتاج منك إعادتها لأرفف الذكريات؛ فلم تعد تصلح لهذا الأوان..
النبض الذي هدأ لأعوام، وآثر السكون حتى الممات، الروح التي استسلمت وهان عليها انفراط عقد الأيام.. لم تعد تُحصيها فلا جدوى منها منذ زمن..
والجسد الذي تجمّد، وانطفأت نجومه واختارت العزلة خلف ضباب السكون وغيوم الحروف الحائرات..
لم تكن صُدفة؛ مرورك في سراديب الروح الموصدة،ومحاولاتك المُستميتة لتحطيم الأصفاد..
بئرك العميقة، كهفك المكنون، كم آثرت البقاء فيه؟ كم ألِفتَ السكون؟
وحين صادفتَ مرآةً هالَكَ المنظر.
كم تحتاج لتعلن عصيانك وتثور وتزأر؟
إلى متى بربك تنتظر؟
وهل بقي في العُمر عمر؟
انفض غبار السكون واحلم بالنور، حطّم كل سور، واعبر خوفك.. عاند الوهم،واقتل اليأس واطرده من قلبك..
لأنك تستحق الأفضل.. لأنك الأجمل برغم الكره من حولك لم يجرفك طوفان الكذب والغرور..
يمكننا معًا أن نعبر، أن نهجر سراديب الظلام وتُغرقنا بحار النور.
يصل الماضي بفجع
الحاضرِ
