ثوب التدين .. النسخة الأخطر من الرجل النرجسي
بقلم / سماح علام
قد يُخفي بعض الرجال خلف مظاهر الورع والتقوى قلوباً مأهولة بالغرور والرغبة في السيطرة ، لا بحب الله بل بالذات . وبينما يبدو الرجل النرجسي في صورته المعتادة متغطرسا أو أنانيا بشكل واضح ، فإن النسخة الأخطر منه هي تلك التي ترتدي ثوب التدين ، التي تتحول فيها النرجسية إلى عباءة مقدسة يصعب كشفها أو مواجهتها.
الرجل النرجسي المتدثر بالدين لا يبحث عن الله ولا يهدف للإدلال عليه ، بل يسعى لإمتلاك سلطة أخلاقية مغلفة بالورع لتمنحه حق محاكمة الآخرين وتوجيههم . هو لا يدعو إلى الإيمان ، بل إلى الإعجاب بشخصه” كقدوة ” أو “حاكم باسم الفضيلة ” . يتحدث عن التواضع وهو يطلب الثناء وعن الزهد وهو غارق في حب الظهور ، وعن الرحمة وهو يمارس أقسى أنواع التلاعب العاطفي.
يستشهد بالآيات ليبرر قسوته وجهله ويستخدم الأحاديث لفرض طاعته ، ويغلف أنانيته بمصطلحات دينية يخدع بها السامعين ، ليتحول الدين في يده بمرور الوقت إلى أداة للهيمنة النفسية على مريديه ، وليس وسيلة للسمو الروحي .
الخطورة في هذه النسخة النرجسية أنها تختبئ خلف قداسة ، فيصعب على من حولها التمييز بين الإيمان الحقيقي والتدين الزائف.
من السهل أن ترفض متكبراً واضحاً ، لكن من الصعب أن ترفض من يظهر في صورة ” شيخ أو ناصح ” وهو في الحقيقة يزرع الخوف والشعور بالذنب في النفوس ليحكمها.
التدين الحقيقي لا يمكن أن يستخدم كدرع لإهانة الآخرين والإيمان الحق هو تواضع ورحمة ، أما النرجسي المتدين فهو انعكاس لذات تضخمت حتى صارت تعبد نفسها باسم الله.
اعتقد انه لا شيء أخطر من رجل يخلط بين صوت ضميره وصوت غروره ، ثم يظن أنه يتحدث باسم السماء .
