الشاطر… والمبدع
م ممدوح مرزوق
الشاطر والمبدع تعبير خاص بي ، اعتقد أنه يفتح أبواباً مهمة لفهم الفرق بين الاجتهاد في العمل وبين التفوق والإبداع في مجالات قد تتجاوز الأساسيات.
أولاً، الشاطربحسب تعريفي هو الإنسان المجتهد والمتقن لمهنته الأساسية التي يعيش منها ويتكسب عيشه ورزقه
هذا النوع من الأشخاص له أهمية كبيرة جداً فهو عماد الإنتاج والاستمرارية في أي مجال عملي أو مهني.
الاجتهاد والتفاني في عملك الأساسي يعكس الانضباط والاحترافية
وهذا الأمر مطلوب لحياة مستقرة ومهنية ناجحة.
لكن يبقى هذا الجانب في الغالب يرتكز على المهارات المكتسبة والتكرار والتعلم المتطور ضمن حدود محددة.
ثانياً، المبدع الحقيقي
كما أراه هو الشخص الذي لا يكتفي فقط بالتمكن من مهنته الأساسية
بل يضيف على ذلك جانب الابتكار، والنبوغ، والتفرد
خاصة عندما يظهر هذا الإبداع في مجال آخر قد لا يكون مرتبطاً بالضرورة بمهنته الأصلية.
هذا يعني أن المبدع يمتلك قدرة على التفكير خارج الإطار التقليدي للمهنة
ويستطيع خلق حلول جديدة
أفكار مبتكرة أو إبداعات تتعدى الحدود الاعتيادية.
وهذا النوع من الإبداع غالبًا ما يقود إلى تغييرات (جوهرية)(تطورات نوعية)
أو استحداث ميادين جديدة.
تفصيلًا
الشاطر
هو من يؤمن بالاستقرار والكفاءة
يحسن ما يعرفه
ويعمل بجد ضمن مجال محدد.
وهو ذو قيمة عظيمة لأنه يضمن جودة العمل وسير المؤسسة أو المهنة بشكل مستدام.
أما المبدع يتخطى ذلك لأنه يجمع بين التمكن واكتساب مهارات جديدة مع القدرة على رؤية الأمور من زوايا غير مألوفة
وبالتالي يقدم إسهامات تتسم بالاستثنائية والتجديد.
إذاً، الشاطر ضروري لاستمرارية الحياة المهنية لكنه في حد ذاته قد يكون (تقليدياً)
بينما المبدع يضيف للواقع صوراً جديدة تفتح آفاقاً مستقبلية.
وهذا لا ينتقص من قيمة الشاطر، بل يبرز الفرق بين الاجتهاد اليومي وبين الفعل الإبداعي الذي يتطلب جرأة وقدرة على التفكير النقدي والتخيل.
لننحى الآن في سياق الأدب
يمكن التمييز بين الشاطر و المبدع بنحو أكثر عمقًا وتفصيلًا
حيث تتداخل المفاهيم مع الإبداع الفني والقدرة على التشكيل الفني للنص الأدبي.
الشاطر في الأدب؛-
الشاطر هو الكاتب أو الشاعر الذي يحترف حرفته الأدبية
يلتزم بقواعد اللغة والأسلوب، ويعرف كيف يكون فعالًا في التعبير ضمن الأطر التقليدية للنص الأدبي. يمتلك مهارات فنية متقنة تمكنه من إنتاج نصوص جميلة ومتقنة
ويحقق بذلك مستوى متينًا من الجودة والاتزان الفني.
الشاطر في الأدب قد يكون كاتبًا مجتهدًا يحسن البناء والصياغة لكنه (لا يغامر كثيرًا في التجديد أو يكسر القواعد المعهودة).
المبدع الحقيقي في الأدب
أما المبدع الحقيقي فهو الذي يتجاوز مجرد الإتقان الفني ليصنع تجربة فريدة.
يظهر في نصه تفردًا في الرؤية وأسلوبًا جديدًا
وقدرة على تجديد اللغة والأفكار
بالإضافة إلى إعادة تشكيل التجربة الإنسانية بطرق مبتكرة.
المبدع لا يلتزم فقط بما هو معروف بل يضيف بعدًا جديدًا يوسع دائرة الأدب، وقد يغير من الأشكال الفنية أو يطور أساليب التعبير بما يعكس رؤية شخصية فريدة.
الإبداع هنا هو التفرد والتأثير
حيث يكون للنص قوة تأثيرية تتجاوز المعايير الفنية التقليدية (هام جدا)
الفرق في السياق الأدبي:-
الشاطر يحقق الجمالية الفنية لكنه يبقى ضمن —-قوالب مألوفة—-، وقد يحقق قبولًا واسعًا باعتباره كاتبًا محترفًا.
المبدع
-يستثير القارئ
-يتحدى التقاليد
-ويحدث نقلة نوعية في الأدب،
وقد يواجه في البداية نوعًا من المقاومة لأنه يغير المفاهيم السائدة.
نخلص إلى أن :-
الشاطر في الأدب هو الأساس الذي يحافظ على استمرارية الحرفة والأصالة الفنية
بينما المبدع هو الذي يفتح آفاقًا جديدة
، يبني نصوصًا ذات أبعاد فكرية وجمالية متجددة
ويترك أثرًا خالدًا في الذائقة الأدبية والثقافة.
عزيزي المتابع
يمكن أن نذكر بعض الأمثلة على أدباء وشعراء يمثلون نموذج الشاطر ونموذج المبدعفي الأدب لتقريب الصوره.
الشاطر في الأدب:-
نجيب محفوظ
الذي يتقن سرد الحكاية بأسلوبٍ متين ومتماسك، ويتميز بإتقان بنية الرواية والشخصيات.
محمود درويش في بعض مقاطعه الشعرية حيث يظهر قدرة عالية على صياغة الكلمات بدقة وإحكام.
هؤلاء الأدباء لهم قيمة كبيرة في الحفاظ على تقاليد الأدب ويمتلكون حرفية عالية.
المبدع في الأدب:-
جبران خليل جبران
الذي كان مبدعًا في تجديد الشعر والنثر معًا وقدم رؤى فلسفية مبتكرة.
أدونيس
الذي طور الشعر العربي الحديث
وكسر الكثير من القوالب التقليدية
وقدم لغة شعرية جديدة.
المبدع في الأدب هو من يترك بصمة لا تُنسى ويغير مفاهيم القارئ حول النص الأدبي.
هذا ما أمكن ايراده وتم إيجازه
ولك الرأي عزيزي القارئ
ارجو المشاركه بالرأي
تحياتي وتقديري
م ممدوح مرزوق
الإسكندرية/ 🇪🇬 مصر
