السفر

صلالة الواقعة في أقصى جنوب سلطنة عُمان تشهد مشهدًا طبيعيًا فريدًا

صلالة الواقعة في أقصى جنوب سلطنة عُمان تشهد مشهدًا طبيعيًا فريدًا

نهى عراقي

آيسك.. صلالة الواقعة في أقصى جنوب سلطنة عُمان، تشهد مشهدًا طبيعيًا فريدًا حيث تلتقي الجبال بالبحر في انسجام خلاب، وترحب النخيل بالموج كأنها تستقبل زائرًا عزيزًا. هذه اللوحة الطبيعية المدهشة تبرز بشكل خاص خلال موسم الخريف بمحافظة ظفار، وهي فترة يمتد سحرها من 21 يونيو وحتى 20 سبتمبر، حيث تتحول الأرض إلى مسرح أخضر تتفاعل معه الغيوم مطرًا منعشًا، والقلوب فرحًا لا حدود له.

ويشهد هذا الموسم السياحي أجواءً استوائية معتدلة تُميزه عن أي فترة أخرى، مما يجعل ظفار وجهة مثالية للسياح من داخل السلطنة وخارجها. المناطق الساحلية على وجه الخصوص، من ولاية ضلكوت غربًا إلى ولاية مرباط شرقًا، تأخذ حظها من جمال الخريف بتأثير الرياح الموسمية التي تحمل معها السحب المتدفقة من بحر العرب والمحيط الهندي.

مدينة صلالة تطل بأجواء غائمة وممطرة وانخفاض درجات الحرارة إلى أقل من 30 درجة مئوية، بينما تنخفض أكثر في المناطق الجبلية التي يغلفها الضباب وتحفها الأمطار الخفيفة.

الاستثناء الحقيقي الذي يكمن في خريف ظفار هو أنه يخالف التعريف المعتاد للخريف كفصل الذبول؛ ففي ظفار، الخريف هو زمن ازدهار الحياة. السماء تتغير لتكسو الأرض برذاذ ناعم أشبه بطقوس عشق تروي عطش الطبيعة وتجعل الجبال والوديان مسرحًا لحياة جديدة.

هذا الرذاذ يبعث الانتعاش في الأوجه، يغسل الأشجار، ويرسم لمعانًا جديدًا على الصخور، حتى الهواء المشبع بالرطوبة يحمل رقةً غير مألوفة تضفي شعورًا بالسكون وانسجامًا داخليًا.

ومع تكاثف الرذاذ يظهر الضباب كأنه راوي قصص قديمة، يخفي القمم خلف ستائر بيضاء ناعمة، ويجعل الأشجار تبدو كظلال متحركة وسط حلم غامر. كل صباح في ظفار يأتي بمشهد جديد لا يُكرر نفسه أبدًا، وكأن الطبيعة تصر على تقديم تجربة فريدة يوميًا.

الأرض، بما فيها من جبال وسهول ووديان، تزدان بالخضرة التي لا تشيخ. من دلتا أتين إلى جبل سمحان، ومن رخيوت إلى طبرق وحمران، كل زاوية تحمل نغمة خفية من الحياة المتجددة.

العيون المائية مثل “رزات، حمران، جرزيز وصحلنوت” تجذب الزوار بجمالها، خاصة حين تتحول شلالاتها إلى مشهد ساحر بفعل أمطار أغسطس. شلالات دربات وأثوم وكور وجوجب وصولاً إلى شلال الحوطة بولاية رخيوت تضيف لمسة جمالية لا تُنسى.

حتى البحر يشارك في احتفالية الخريف؛ أمواجه تناغم الطبيعة برفق والسواحل تتحول إلى لوحات فنية تنسج فيها المياه الخُضرة بمشهد فريد لا يتكرر. الشواطئ تحتضن الحياة الطبيعية بطقوس نابضة بالجمال والانسجام.

أهل ظفار يُمثلون القلب النابض لذلك السحر الفريد. وطيبتهم وكرمهم تتجلى في استضافة الزوار بمنتهى الحفاوة.

البيوت الصغيرة تفوح منها رائحة البخور والقهوة العربية، والمأكولات تُقدم بكل سخاء وجمال على الموائد المفتوحة.

حتى الأغاني الشعبية التي تصدح من الراديوهات القديمة تضفي طابعًا ثقافيًا خاصًا يمزج بين العراقة وجمال الخريف.

في النهاية، خريف ظفار ليس مجرد تقلب في الطقس، بل هو حالة شعورية وفصل استثنائي تأخذ فيه الروح قسطها من الراحة والسكينة. من يزوره مرةً يحمل ذكراه إلى الأبد؛ عبق الرذاذ، صورة الجبال المكللة بالضباب، وكرم أهله تجعل هذه التجربة جزءًا لا يُمحى من الذاكرة.

صلالة الواقعة في أقصى جنوب سلطنة عُمان تشهد مشهدًا طبيعيًا فريدًا
صلالة الواقعة في أقصى جنوب سلطنة عُمان تشهد مشهدًا طبيعيًا فريدًا

 

اظهر المزيد

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى